حلف
اليمين
بين
تحديد المشرع وتقدير القاضي
1- من
الاشكالات التي تشوب عبارة اليمين الحلف بالله العظيم، والاشكالات العديدة أحدها
أن حالف اليمين لا يخاف بأن يحلف باسم الله، والبعض لا يؤمن بهذه العبارة، مما حذا
بالفقهاء سواء القانونيين أو الشرعيين بوضع مبادئ لعبارة الحلف، فانقسموا
لرأيين:
2- الرأي
الأول :
ذكروا شرطين أساسيين لعبارة حلف
اليمين، الشرط الأول : أن تتضمّن الصيغة ( القسم )، مثاله/ أقسمُ، أقسمتُ، قسماً
أو حلفتُ أو آليتُ. الشرط الثاني : أن يكون المحلوف به هو "الله" عز
وجلّ وليس غيره من المقدسات والمخلوقات، مثاله/ أُقسمُ بالله العظيم.
·
وبنظرنا أن هذا فيه اشكال عندما يكون
المراد منه حلف اليمين لا يؤمن بوجود الله عز وجل، فسوف يكون حلفانه خالٍ من
الاعتقاد وبعدها يوجد احتمالات بأنه يكذب، وحلف اليمين للاقناع، فأي اقناعٍ سيكون
بلا اعتقاد ويقين.
ومن المشرّعين الذين أخذوا حذو هذا الرأي
المشرّع الأردني، فقد نص على : "يحلف الشاهد قبل الإدلاء بشهادته اليمين
التالية:-(اقسم بالله العظيم ان أقول الحق
كل الحق ولا شيء غير الحق)".[1]
3- الرأي
الثاني :
لم يذكروا شكليّة معيّنة يلتزم بها
المراد منه الحلف، وهذا ما أخذت به معظم التشريعات العربية والدولية، منها المشرّع
البحريني، فقد نصّ : " على الشاهد أن يحلف يميناً بأن يقول الحق، كل الحق،
ولاشيء غير الحق وإلا كانت شهادته باطلة. ويكون الحلف حسب الأوضاع الخاصة بديانته
إن طلب ذلك"[2].
فمن خلال النص، نرى أن المشرّع لم
يحدد عبارة لحلف اليمين كما حدّدها المشرّع الأردني في قانونه، وهذا خير ما فعله
المشرع البحريني، نظراً لتطور وتقدم الدول في مجال السياحة، مما يؤدي إلى ورود
وقائع قانونية يجبر فيها من يقع عليه عبء الاثبات على حلف اليمين إن لم يكن بيده
سند رسمي أو بينة قانونية غير الحلف، فدرءاً للاشكالات التي تشوب القاعدة
القانونية في حال حلف اليمين، ترك المشرع البحريني في تحديد عبارة القسم على
القاضي مع الاعتبار بديانة من يقع عليه عبء الاثبات.
4- وهذا
ما ذهب إليه المشرّع السوري، إذ نصّ على : "ويجب
أن يؤدي الشاهد قبل الادلاء بالشهادة يميناً بأن يقول الحق".[3]
5- ويمكننا
ايجاز شروط أنصار الرأي الثاني :
أ. القسم.
ب. قول
الحق، ويترتب على عدم قول الحق البطلان.
جـ. يكون الحلف حسب الأوضاع الخاصة
لديانة المراد منه اليمين إن طلب ذلك.
6- يمكن
لأحدٍ أن يثير اشكالاً يتعلق بتعارض أحياناً عبارة حلف اليمين مع النظام العام
للدول لا سيما الاسلامية، وجوابنا أنّه لا يوجد هناك ما يمكن تسميته مخالف للنظام
العام، فحتى لو جئنا إلى تفصيل اللغة الإنجليزية والفرنسية والهندية والفارسية،
سنجد هناك تعدد في استخدام العبارات، بين "الله" و "الإله" و
"المعبود" و "الرب"، فتحديدها في نص قانوني هو ما سيثير
الاشكال، لذا نرى حسناً ما فعله المشرّع بأنه ترك عبارة حلف اليمين تعود إلى تقدير
القاضي أو على ديانة من يقع عليه عبء الاثبات.
7- والجدير
بالذكر أن المشرّع الفرنسي اقتصر فقط على عبارة " أقسم بالله " باللغة
الفرنسية " Je
jure devant Dieu "[4]، وجرت العادة على بعض الممارسات في
القضاء لا تمت للقواعد القانونية بصلة، كرفع اليد اليمنى أثناء الحلف أقرب ما تكون
لأعراف قضائية، والبعض يقول إنها تشكّل خرقاً لنص القانون، والبعض يرى أن النص لم
يحصر عبارة الحلف بعبارة محددة أو بشكلية معينة فيرجع تقديرها لقاضي المحكمة[5].
8- المراجع:
أ. قانون
الاثبات البحريني، الصادر بمرسوم قانون (14) لسنة 2006.
ب. قانون البينات الأردني، الصادر سنة 1952.
ت. قانون
البينات السوري، الصادر سنة 1947.
ث. Code
de procédure civile (septembre 1974)
ج. باباس
نورالدين، مذكرة التخرج: اليمين كطريق الإثبات طبقاً لنصوص القانون المدني وقانون
الإجراءات، صفحة 52، 2004، منشور على الانترنت، وزارة العدل/ المعهد الوطني
للقضاء.
الحمد لله ربّ العالمين
[5] باباس نورالدين،
مذكرة التخرج: اليمين كطريق الإثبات طبقاً لنصوص القانون المدني وقانون الإجراءات،
صفحة 52، 2004، منشور على الانترنت، وزارة العدل/ المعهد الوطني للقضاء.